Our social:

السبت، 14 يناير 2017

حديث هادئ حول أنتم ملح الأرض



أحبائنا في الرب: سلام لكم
في الحوار السابق، كنت أقول أنه لابد من المشاركة في العمل الوطني، ولكن بعيداً عن تيارات العنف، أو أي ممارسة تخريبية، لا لمنشآت عامة فهي ملك لك أيضًا ولا لملكية خاصة، إسمع ما يقوله الله لشعبه "إذا حاصرت مدينة اياما كثيرة محاربا إياها لكي تأخذها فلا تتلف شجرها بوضع فأس عليه أنك منه تأكل فلا تقطعه لأنه هل شجرة الحقل انسان حتى يذهب قدامك في الحصار" (تث20: 19)، وهنا أقول لك أن السبب في ذلك هو أهمية الآخر بالنسبة لك.
ينادي العالم الآن بمبدأ "قبول الآخر" أيًا كان جنسه أو لونه أو دينه، وهذا ما يؤكده لنا الكتاب المقدس "لا تكره أدوميًا لأنه أخوك ولا تكره مصريا لانك كنت نزيلا في أرضه" (تث23: 7)، وحينما أوصى القديس بولس مؤمني كنيسة كورنثوس بألا يخالطوا الزناة، كان يقصد المؤمنين الذين يسلكون بلا ترتيب وليس الخطاة الذين من خارج الكنيسة وكما يقول "وليس مطلقا زناة هذا العالم أو الطماعين أو الخاطفين أو عبدة الأوثان والا فيلزمكم ان تخرجوا من العالم" (1كو5: 10)، وبالتالي فنحن لابد أن نقبل الآخر في محيط علاقاتنا ومعاملاتنا لأن هؤلاء الله سيدينهم.

وأود أن أقول لك أنه لا يوجد شخص يحيا منفردا في العالم، فأنا في حاجة إليك، وانت فى حاجة لآخر وهو في حاجة إليّ، وهكذا تتحول التعاملات بين البشر إلى نوع من الدوائر المتداخلة في جزء من المساحة سواء أكان هذا الجزء صغيرا أم كبيرا، لذلك نخطئ كثيرا حينما نجعل أطفالنا يقاطعون الذين لا يوافقون أهوائهم ولا يلعبون معهم، وفي هذا التصرف يكون الخطر الأكبر، فليس معني الإختلاف في الرأي أو وجود مشكلة يعني المقاطعة، فحتما سيأتي الوقت الذي أحتاج اليك فيه وتحتاج إليّ فيه، أنا معك فجائز أن نختلف سويا في أمر ما وتتوقف العلاقات في هذا الأمر؟، ولكن هذا ليس معناه أن يتحول الأمر إلى خصومة، فالكتاب يوصي بأن "عبد الرب لا يجب أن يخاصم بل يكون مترفقا بالجميع صالحا للتعليم صبورا على المشقات" (2تي2: 24)، ولذلك أؤكد لك أنه بيني وبينك مهما إختلفنا مساحة مشتركة يمكننا التعامل فيها، ولعل هذا ما يسمونه بـ "حوار الحضارات" وليس "صدام الحضارات".

وكما قلنا سابقا دع أمر الإختلاف العقيدى فالله سيحاسب الجميع على إيمانه وأعماله "اذا لا تحكموا في شئ قبل الوقت حتي يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام ويظهر اراء القلوب وحينئذ يكون المدح لكل واحد من الله" (1كو4: 5). أما هنا في الأرض فبيننا من المعاملات ما يحتم إستمرار علاقتنا معا، ولعلك تلاحظ أن هذا ما يحدث الآن فرغم إختلاف الإيمان المسيحي والإسلامى ولكن هناك مساحة مشتركة يمكننا التحاور فيها مثل: رفض العنف، والإدمان، والأمانة في العمل، وبنيان وطننا مصر.. إلخ من قضايا مشتركة وهو ما يسمي بـ "حوار الأديان"، وهذا ليس معناه تغيير في الإيمان، ولكن البحث عن ما نشترك فيه، ولعل أول من سبق ونادي بهذه الفكرة ونبه العالم لفكرة الحوار وقبول الآخر هو قداسة البابا شنودة الثالث ففي عام 1977م حينما ظهر ما يسمي بمشكلة الردة وتم إجتماع قداسة البابا والآباء الأساقفة مع آئمة الدين الإسلامى والسادات، أن طلب قداسة البابا من الحاضرين أن تصدر كتبا مشتركة في القضايا المشتركة مما يدعم روابط المحبة والوحدة بين الناس.
وهكذا أخى الحبيب قال رب المجد لا يضع أحد سراجا تحت مكيال بل فوق المنارة لينير للناس (لو8: 16)، وهكذا فأنا أطلب إليك بمحبة المسيح لا تقاطع شخص مقاطعة نهائية فإن لم تكن بحاجة اليه اليوم فأنت بحاجة ملحة إليه غدا، وأخشى أن اقول لك - ليس تهديدا إنما محبة - لعل هذا الغد يأتي وأحدكما ليس بهذا العالم فماذا ستفعل؟ ولا تفهم كلامى السابق أن تتسامح أو تتهاون في حقك المسلوب، لم أقل لك هذا فالتسامح له شروطه أو قواعده وهذا محور حوارى معك في الحوار القادم.

ولكن إلى أن نتحاور ثانية لا تنس حوارك
اليومى مع الله
واضعا ضعفي فى هذا الحوار أمام الله

الرب معكم.. كونوا معافين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق