Our social:

الجمعة، 13 يناير 2017

جسد المسيح



كنت فى حوار مع احدى المكرسات التى كرست حياتها لخدمة المقعدين والمطروحين على الفراش دون حركة.

وهي خدمة من أصعب أنواع الخدمات، فهي مطالبة أن تُحمي المريض يوميًا، وتغير له ملابسه لأن مثل هؤلاء المرضي غالبًا لا يمكنهم التحكم في عملية التبول والتبرز، ولا بد من تحركهم المستمر على السرير لتفادي حدوث قرح الفراش والالتهابات الجلدية المختلفة بجانب الاهتمام بعلاجهم وأكلهم وشربهم.

فقلت لها: "كيف تستطيعين أن تتحملي هذه الخدمة؟ كيف لا تتأثري ونفسك لا تتأثر بالروائح الكريهة في حالات التبول والتبرز اللاإرادى؟ كيف لا تملي من طلبات هؤلاء المسنين المستمرة في كل وقت؟".

كان ردها عجيباً قالت لي: "في بداية خدمتنا كان الموضوع صعبًا، لأنى كنت أتصور أنى سأشرف على هذه الخدمة، وأن هناك عاملات سيقمن بهذه الأعمال.

ولكننى فوجئت في أحد الأيام بدخول الأب الكاهن المسئول عن هذه الخدمة، وعند مروره على المرضى، وجد إحدى المريضات مصابة بقرح الفراش، وآخر لم يتم تغيير ملابسه رغم أنه تبول على نفسه، ففوجئنا بقرار عجيب جدا هو حرماننا كلنا من هذه الخدمة! وأبونا قال بالحرف الواحد: "أنتم لا تستحقوا أن تخدموا جسد المسيح، أنا سوف أقوم بنفسى بخدمة جسد المسيح".

وفعلا ظل أبونا لمدة ما يقرب من أسبوع يقوم بمفرده بمراعاة هؤلاء المرضى جميعهم، ويُغير لهم ملابسهم، ويتابع علاجهم وحركتهم في السرير وكنا ننظر له بإعجاب.

وبعد أسبوع، دخلنا لأبونا نبكي بحرارة، ونطلب منه أن يصفح عنا، ويسمح لنا بالرجوع لهذه الخدمة، إذ شعرنا أننا حُرِمنا من خدمة ولمس جسد المسيح.

ومن هذا اليوم تعلمنا مفهوم هذه الخدمة، فنحن حينما نقوم بهذه الأعمال نضمد جراحات جسد المسيح ونتمتع بلمس جسد المسيح، فننسى كل التساؤلات التي سألتها قدسك بل نصبح في منتهي السعادة ونحن نعمل هذه الأعمال".

يا ليتنا نشعر بمثل هذه المشاعر مع أقرب الأقربين لنا مع آبائنا وأمهاتنا وأجدادنا ولا ننس أنهم في يوم من الأيام كانوا يقومون بخدمتنا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق